لم تعد هذه التقنياتُ مستقبليةً، إذ سنراها في المدن وفي السيارات خلال القليل من السنوات. إنها تقنية الإتصال المباشر بين السيارات، أو بالأحرى المركبات Vehicles (سيارات، شاحنات، باصات وخلافها 1 - 2)، والمعروفة منذ أكثر من عقد من الزمن، خلال مراحل تطويرها كتقنية الإتصال من مركبة الى مركبة Vehicle-to-Vehicle، مختصرة بـ "في-تو-في" V2V، علماً بأن الرقم 2 يرمز سمعياً الى To (الى) بالإنكليزية، على نحو "من مركبة الى مركبة".
شروط هذه التقنية تجهيز كلٍ من المركبات نظاماً موازياً لتبادل المعلومات ضمن قطر يناهز حالياً 300 متر، كما هي الحالي في موديل كاديلاك سي تي إس سيدان Cadillac CTS sedan الذي أعلنت جنرال موتورز General Motors الربيع الماضي تضمينه أساساً، تقنية "في-تو-في" V2V في كل من الولايات المتحدة وكندا إبتداء من أواخر 2017 (رابط لقراءة المزيد).
وهو ما يصل بنا الى القفزة النوعية التالية مع تقنية كونتيننتال أوتوموتيف Continental Automotive المندرجة ضمن مسمى "في-تو-إكس" V2X هذه المرة، لتعني الـ X (ترمز عادة الى العنصر غيرالمعلن أو غير المحدد في معادلة)، أن النظامَ قابلٌ لتبادل المعلومات data بين المركبة ذاتها V وأي جسم آخر X (أكان سيارة أخرى، أم شاحنة، تلفون، دراجة، كاميرا أو رادار في الشارع أو على لوحات السير وغيرها).

تتضمن منظومة كونتيننتال "في-تو-إكس" V2X ثلاثة أنظمة متكاملة، لتمكينها من مسح ورصد محيط التقاطعات (بين سواها من الإمكانات طبعاً) ضمن 360° درجة، والتنبيه من مخاطرها على المشاة والدراجين والحيوانات الأليفة مثلاً، أو حتى لتجنب الحوادث بين السيارات، وخصوصاً تلك المحجوبة عن عين السائق (لأنها مكشوفة من موقع عدسة المراقبة أو الرادار أو الليدار):
1/3 - أجهزة الرصد، وتضم وسائل متكاملة، مثل عدسات التصوير الرقمية، والرادارات Radar التي ترسل موجات لاسلكية لقياس مهلة عودتها عن الجسم المقابل لتحديد مسافته وسرعة حركته وحجمه، والليدار Lidar الذي يرسل نبضات بأشعة لايزر لقياس الحجم والمسافة وسرعة الحركة. تتكامل تلك الوسائل للتعامل مع مختلف ظروف الضباب أو العتمة أو شدة إنهمار المطر مثلاً.

2/3 - وحدة مركزية تتلقى تدفق المعلومات الرقمية بإستمرار من وسائل الرصد المذكورة أعلاه (أو غيرها في صيغ ممكنة لاحقاً)، لتحليل مضمونها وتحويله (بواسطة معالجات وبرامح كومبيوتر سريعة جداً) الى صورة معبّرة عما يحدث في محيط دائري كامل (360° درجة)، أي حول التقاطع أو الدوار أو منعطف حاد مثلاً. ومنعاً لإرباك المستخدم بمعلومات هامشية لا تقدم ولا تؤخر، لا تتضمن الصورة إلا الضروري، كرسوم البشر أو الحيوانات أو الأشياء التي قد تشكل مصدر خطر لأي من الأطراف المعنية بها ضمن نطاق تقدمها.
3/3 - يستغل كل من "في-تو-في" و"في-تو-إكس" ما يُعرَف بالإتصال عبر "دي إس آر سي" DSRC، وهو النطاق قصير المدى والمخصص لهذه الأغراض (من قبل الهيئات الرسمية في كل من البلدان أو مجموعات الدول) DSRC, Dedicated Short-Range Communication ، وهو نطاق 5.9 غيغاهرتز 5.9 GHz المرصود أيضاً للسيارات الذاتية التنقل Autonomous/self-driving cars والتي لن يتطلب إنتشارها أكثر من سنوات قليلة، حيث تسمح البنى التحتية بذلك.
مهمة "دي إس آر سي" DSRC نقل تلك المعلومات الرقمية الواصلة من وحدة التحليل والتحويل (النقطة 2 السابقة)، الى السيارات أو المركبات (أو حتى أجهزة أخرى ممكنة) المتقدمة بإتجاه التقاطع مثلاً، أو الموشكة على الإنعطاف، فتتلقاها وحدة خاصة في المركبة (السيارة في مثلنا) لتحويلها الى مضمون بصري يعرض على شاشة كومبيوتر السيارة، وسمعي بكلمات تنبيه مثلاً، حسب الضرورة. وهو النظام الذي سيتمكن لاحقاً من وقف السيارة أوتوماتيكياً في تلك الذاتية الحركة في المستقبل القريب.
مصدر الصورتين: كونتيننتال أوتوموتيف.